الأحد، 22 يوليو 2018

لا زلت انتظر شبيه بيمبي يا أمي..

لم تكن امي لتحكي.. لكن في كل مرةٍ تلتقي عيني بعينها، أرى خيانات من ادمعها..
كل دمعة تضع حكايتها على خدها..
تلك الخطوط التي على وجهها، ليست من صنع الزمان.. تلك قصص رواها الدمع المسكوب..

كان لزاماً عليَّ أن أغادر البيت فراراً من ادمعها.. لم يكن الصمت هو الأشد رهبة لي، إنما دمعها...

في إحدى ليالي الصيف الحارقة.. لم أعد إلى بيتنا.. ولم التقِ بأمي تلك... إنما وجدت صديق الطفولة أحمد.. هو يعلم بحالي كثيرا..
كنت خجلاً أن أطلب منه مالا.. لكنه عرف ما اريد.. فقال لي : خذ هذه ال10 ريالات.. خذ سيارة أجرة و اذهب الى العاصمة.. ابحث عن وظيفة هناك.. لعل ربك يفرجها.. ف بعد العسر يسر..

لم أنتظر طويلا بعدما ودعته شاكرا له معروفه و واعدا له بأن لا أنسى صنيعه.. أخذت بتلك الليلة سيارة أجرة متجها إلى العاصمة.. كانت الرحلة سريعة إلى العاصمة..
وصلت وكل شيء كان مغلقاً.. إنها تشير إلى ال8 مساء.. وقفت بجانب جامعٍ مزركش و مملؤ ب الزخارف.. وعند مدخله، وجدت شحاتاً يطلب المساعدة المالية.. افترش قارعة الممر المؤدي إلى المدخل.. وضع قبعته البالية فوق بقايا جريدة محلية..
اتراها سخرية القدر أو أنه صنيع الشحات حين تراك عنوانا بارزاً بالصحيفة يراه الجميع من على بعد امتارٍ..
العنوان يقول : لاعب مشهور يمنح عاملا بأحد الفنادق مبلغاً ضخماً كبخشيش..
لسان حال الشحات يقول : أنتم أيها المؤمنون  أولى بالتصدق من اللاعب..

أذن المؤذن لصلاة العشاء .. فقررت أن اصلي بالجامع المزركش..
حين دخلته، ذُهلت عيناي من جمال الجامع بالداخل.. و وجدت المصلين بملابس فخمة وانا واضح علي ثيابي الرثة..

حين أقام المؤذن للصلاة، و كبر الإمام تكبيرة الإحرام..
هذه المرة لم تكن الأفكار و الأحلام التي اشغلني بها ابليس اللعين أثناء الصلاة ، هي نفس تلك التي يأتي بها وانا في القرية..
اتراه نفس الابليس.. أو أن ابليسهم من الأغنياء المترفين!..
كل الذي أعرفه، أن الصلاة انتهت بسرعة ولا أعلم ماذا قد قرأ الإمام و كم من الركعات قد صليت!..
سألت الله كثيراً أن يرزقني جزء مما لديهم..
وحين خرجت من الجامع، لم أجد النعال في مكانها!..
بحثت عنها، ف إذا بها أمام مدخل الحمامات، يستخدمها العابرون ليدخلوا بها دورات المياه!..
كم كان المشهد مؤلما.. ركضت لاخذها من أمام أحد المتوضئين.. و اخرج مسرعا من الجامع..
تذكرت شطر البيت "يمشي الفقير وكل شيء ضده"..

مشيت قليلاً.. و وقفت أمام مطعم بسيط هكذا ظننته.. 
طلبت بعض الطعام.. و سألت احد موظفيه عن سبب إغلاق بعض المحلات.. فقال انها تغلق في أيام الإجازات.. فقلت له وأنا مستغرب : هل غدا اجازة؟.. فقال نعم..

حينها أدركت أن مشواري إلى العاصمة أصبح فاشلا.. ولا يوجد لدي مال لاعود به إلا إذا لم ادفع تكاليف العشاء!.. 
بدأت تظهر في ملامحي بعض العلامات الدالة على الارتباك.. قررت فجأة أن اركض و لم أكن أعلم بأن دورية للشرطة كانت تقف خلفي تطلب بعض الطعام.. وفجأة حين صاح احد عمال المطعم ب "حرامي".. لم أجد نفسي الا محاصراً بسيارتين من الشرطة.. 
تم ايقافي ووضعي بالسجن بتهمة السرقة و تشويه سمعة البلد..

كتبت لأمي رسالة أخبرها بحالي.. وذكرتها بالوزير السابق في حكومتهم مالكوم إكس.. وكيف كانت حياته و كيف تغيرت أفكاره و أحلامه حين كان بالسجن.. 
انا يا أمي لا أزال بالسجن.. انتظر شبيه "بيمبي"  لأتأثر به و يعلمني معنى العدالة والدين..

الان اكمل الشهر الثالث ولا توجد بوادر مشجعه على ظهور بيمبي!! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق