السبت، 27 مايو 2017

ولقد ظلمتك يوما يا ابي ..


ان فترة ما بعد الطفولة و المراهقة مهمة جداً في حياة كل انسان .. انها الفترة التي يرغب فيها الولد بالتمرد على من هو اكبر منه .. و السيطرة على ما هو اصغر منه .. 
التمرد على العادات والتقاليد .. والبحث عن الحرية المطلقة والتي لا يقيدها اي محيط او سورٍ من المبادئ او القوانين ... 

يوما ما .. وعلى ساقية الفلج الواصلة لـ مزرعة عمي .. وبعد غروب شمس ذاك اليوم .. جائني الرسول بخبرٍ وقف عنده شعر رأسي .. ابي بالبيت يطلبني وبيده عصا ..
"اللعنة ، متى ينتهي هذا الانسان ! " .. هكذا قلت في نفسي ..
لم افعل شيئا يستدعي الضرب في نظري .. أليس هو القائل "إياك ان ترجع للبيت باكياً او شاكياً من ولد قد اعتدى عليك ، خذ حقك بيدك " .. وحين أخذت حقي بيدي ، جاء الشاكي الى ابي .. فقرر ابي ضرب ابنه الشقي !! .. ومن دون ان يستمع للطرف الاخر من القضية .. 

 قرأت ان والد الكاتب الروسي دوستويفسكي ادخله لـمدرسة المهندسين بعد وفاة أمه وهو في السادسة عشر من عمره .. مدرسة مادية بحتة .. حيث لا مكان للمبادئ والقيم .. ايامٌ كثيرة قاسية عاشها دوستويفسكي .. 
 احد هذه الأيام القاسية ،  تمنى دوستويفسكي  لو كان يملك مالا ليشتري كوباً من الشاي الحار ليدخل الدفء الى جسده .. فكتب الى والده "ابي ، اني لا اطلب منك مالا أنفقه على الملذات بل لأنفذ نفسي من جحيمٍ لا يُطاق ، ولا اعتقد ان إنساناً قادرًا على العيش من دون الشاي الحار حين يكون مبتلاً من المطر وينام على فراشٍ من القش" ...

استمعت ذات مساء الى احد الشباب وهو يحكي قسوة الحياة التي عاشها مع ابيه قبل ان يرحل والده عن الدنيا ...
حكى لي الكثير من القصص المؤلمة .. بعضها بها من براءة الطفولة الشيء الكثير .. ولكن والده لم يكن يعرف مثل هذه الامور ..
احدى هذه القصص ان هذا الشاب كان برفقة ابيه وأخيه الذي يكبره بسنتين على حافلة صغيرة اشتراها الاب ليسترزق عليها .. 
وفِي احدى المرات ،، كان الاب واقفا بالحافلة على الرصيف  ،، فأراد ان يدخل الشارع العام ،، فقال لأبناءه : "شوفوا اذا شيء قوطي" .. الاخوان نظرا من تحت الكراسي - بحسن نية - فلم يجدا اي قوطي .. فقالا لابيهما : "ماشي قوطي" ..
فاستعد الوالد للانطلاق بحافلته .. وحين همَّ بدخول الشارع ،، تفاجأ بوجود شاحنة كادت  ان تصطدم بحافلته .. فقال الاب غاضباً "العور ، ماشفتوها" ! .. وبحسن النية يجيب احداهما "صحيح ،، عور هذا ماشافنا ! ويقصد سائق الشاحنة" .. 
فـ رد الاب بقوله : "بالبيت اطلع منكم من العور" .. وبالبيت تم ضربهما بقسوة .. 
ويقول الشاب ما كنت اعرف ان ابي كان يقصد ب "القوطي" هو سيارة او شي من المركبات بالشارع .. كل الذي ظننته حينها ان يكون "قوطي" بيبسي او شراب او اي شي من المعلبات ! ...

شر البلية ما يضحك .. ضحكنا لكن ليس الا ضحك ألم على زمانٍ غريب قد مر بنا !! ...


لقد ظلمتك يوما ما  يا ابي .. حين ظننت انك انسانٌ بلا رحمة او شفقة .. ولم أجدك الا إنساناً قد ترتقي لمرتبة الملائكة اذا ما قارنتك بـ والد دوستويفسكي و والد زميلي الشاب .. 

الثلاثاء، 16 مايو 2017

توقيت الحضور ..



اذا ما اتفقت يوماً مع أصحابك على موعدٍ محدد لتلتقوا فيه .. 
فاعلم انه بأهمية الموعد والحضور ، تجد الانضباط في توقيت الحاضرين ..
فمن يرى ان الموعد مهم بالنسبة له .. جعله في مقدمة أولوياته .. 
وتخلص من كل العوائق التي من الممكن ان تؤخره عن الموعد ... فكان في مقدمة الحاضرين .. بل قد يحضر قبل الموعد المحدد بدقائق ..
اما اولائك المتأخرون في الحضور .. فلم يكن الموعد او الحاضرون او كلاهما في مقدمة أولوياتهم .. 
اذا ما كان هناك عذراً مقنعاً حال بينه وبين الحضور في الزمن المحدد ...
لذا بامكانك ان تقيّم او تراقب نفسك والحاضرين من خلال توقيت الحضور ..

الخلاصة :
لو كان الموعد غرامياً ،، لوجدت الوضع مختلفاً تماما ..

داخل الهوامش :

اجعل موعدك مع الله موعداً غرامياً .. وحتماً ستجد اختلافاً جذرياً في حياتك ...