الثلاثاء، 22 ديسمبر 2020

الزهير لـ باولو كويلو..




 لم تكن مجرد رحلة للبحث عن زوجته التي عاش معها لسنوات... وقررت الرحيل عن المنزل دون أن تعلمه بالاسباب ..

لقد كان يملك كل ما يتمناه الرجل من شهرةٍ ومالٍ و منزلٍ وزوجة..كان شعاره مع زوجته "الحرية المطلقة".. فلم يكن ليسألها أين كانت ومع من كانت... 

لكنها قررت الرحيل فجأة ومن دون أن تُخبره... فجعلته حبيس حيرته و تساؤلاته ... 

كان في أول الأمر دافعه هو معرفة اسباب الرحيل.. ولاحقا تغيرت اسباب البحث..

 فتعلم الكثير من الأشياء أثناء البحث .. عرف الحب و معانيه... عرف تهذيب الروح..

تعرف على المشردين في شوارع باريس وعاش معهم، فعرف أهدافهم من الحياة.. سافر إلى آسيا وتحديدا كازاخستان في سبيل العثور على زوجته التي خرجت لأجل ان تعيش واقع الكثير من الفقراء و المحتاجين و واقع شعوب مختلفة عنها.. لأجل ان تعيش المأساة و تنشر الحب والفضائل... رحلت لأجل ان تعرف هل سيتبعها او انها لم تعد بلا قيمة في حياته... 


رواية #الزَّهير لـ #باولو_كويلو ليست عظيمة كروايته #الخيميائي... لكنها تتقاطع معها في الأفكار...

و الزهير هو الشيء الذي لا يغيب عن التفكير فيه.. مثل نور يشع بداخلنا ان اغلقنا اعيننا، فسوف نراه... نحاول أن ننسى ولكن بلا فائدة...

الأحد، 29 نوفمبر 2020

إحذر من "شفقة" الحب..


 على مقهى من المقاهي القريبة من العاصمة فيينا... كان لصاحب المقهى فضل كبير في تعريف الراوي بالكابتن "هو فميلر".. بطل رواية حقيقة.. فكتبها مثلما سمعها من صاحبها ..


الرواية بها من التفاصيل الإنسانية و النفسية الكثير.. بها تناقضات كثيرة بين من وقف الحظ معه في معركة ما فأصبح شجاعاً... وغدى عظيما و ذا شأن كبير..
و بين من لم يحالفه الحظ فلم يذكره التاريخ بالرغم من بطولاته واجتهاداته ..
تناقضات بين الصحيح و السقيم وكيف للشفقة والعاطفة دور كبير أثناء التعامل بينهما...

 كيف للكذب - احيانا - دور في صناعة الوهم بنية صافيه.. ازرع الأمل في الإنسان السقيم، فلعله يشفى..
ربما "كذبة" بسيطة قد تساعد في منح العليل دفعة من الأمل والفرح لتتغير نفسيته ولو لفترة بسيطة قبل أن يكتشف الحقيقة... امل يجعله يعيش سعيداً ولو لفترة محدودة.. 
هكذا كانت الأهداف النبيلة حين يكذبون!!... 

إن شفقة الصحيح للمعتل قد تتحول من عاطفة الاخوة إلى عاطفة الحب دون أن يعلم احد الأطراف!!...
و عدم مقاومة العاطفة و الرضوخ للطرف الاخر، قد يقود إلى عواقب لا يحمد عقباها..
وكيف للمجتمع ان يؤثر على قرارات الفرد، حين يفكر بالإرتباط بإنسان عليل.. كـ سليم أراد الزواج من معاقٍ.. او مبصرٍ تزوج كفيفة!!..

الرواية جميلة و نهايتها مأساوية لولا انها وقعت قُبيل الحرب العالمية الأولى.. فكان للحرب يدٌ في نسيان القصة او موت اغلب من كان شاهداً عليها... 

الأربعاء، 9 سبتمبر 2020

تولستوي.. رواية الحرب والسلم..



ليس من السهل ان يقاتل أحدهم من كان له قدوة..
رواية تتحدث - في أكثر من ١٦٧٠ صفحة - عن الأوضاع ما قبل  وصول نابليون إلى روسيا وتحديدا موسكو واحتلاله لها، وما بعد طرده من روسيا ونهاية حقبة نابليون .. 

رواية تصف المجتمع الروسي في بدايات القرن التاسع عشر وكيف كانت اللغة الفرنسية هي لغة الطبقة الراقية.. وكيف كان حلم البعض بأن يكون مثل نابليون.. وكيف أصبح حين وجد نفسه وجها لوجه في إحدى المعارك أمام نابليون - قدوته - .. وكيف كان لروسيا الفضل في هزيمة جيش وصف بأنه لا يقهر.. 

لا انكر انه قد أصابني بعض الملل أثناء قرأتي لهذه الرواية الطويلة.. فبعض الاسهاب لا مبرر له.. وبعض التفاصيل لا أراها الا زيادة في الحديث..

ليست كل هذه الصفحات ال١٦٧٠ تتحدث عن الحرب فقط.. إنما تخللتها مشاهد من الحب والتضحية و الانكسار والعودة إلى الحياة الطبيعية.. 

احد الأشياء الجميلة بالرواية ان #ليو_تولستوي  قد تعمد إلى الحديث بالفرنسية حين يكون هناك حوار متدني الأخلاق - كالخيانة و السرقة - لا يليق بالشعب الروسي و تاريخه.. 

الرواية جميلة ولكن لا تصل إلى روعة روايات #دوستويفسكي الروسي..



 

 

الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

وداعاً خالتي..

انطفات شمعة خالتي بعد سنواتٍ عجاف.. ستة أعوام من المعاناه لا يعلمها إلا الله وقلة قليلة من حولها .. ما كانت لتشكو حالها لأحد..

حين يسألها اخوها عن حالها، كانت تقول انها بخير وعافية.. انها "عثرانه" فقط ..


سنوات وانا أرى في حالها المتبدل منسجماً مع قوله تعالى : ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون.. إلى أن حانت ساعة رحيلها وقد غدى حجمها كصبيةٍ لم تبلغ العاشرة من العمر...


قبل عامٍ ونصف، حين كانت الاتصالات تحمل خبر رحيل عمي المفاجئ في ساعات الفجر الأولى .. كان البعض ممن وجد مكالمة لم يرد عليها حين صحى، يظن ان خالتي هي من رحل، ولم يدرك قول الإمام الشافعي :

فكم من صحيح مات من غير علة،،، وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر


كم كرهت اؤلئك الذين قالوا ان الموت راحة لها.. هل سمعوها تطلب الموت يوما.. أكنت مكلفاً - يا هذا - يوما برعايتها وهي طريحة الفراش لسنوات!.. ما بالك ترى الموت راحة لها وأنت لا تطلبه !، فمن هو العاقل الذي لا يطلب راحته!!..


تساءلت عن الحال قبل الممات، لو كان للإنسان حرية في اختيار نهايته، فهل سيختار موت الفجأة - وإن كان وقعه شديد على من حوله - ام كان  سيختار الموت بعد معاناة في الفراش لسنوات حتى يقول البعض ان الموت راحة له؟..


لا انكر انني ذرفت الدمع كثيراً حين رحل عمي، بخلاف رحيل خالتي!.. ايكون السبب هو تصنيفنا "الغبي" لمن يكون الموت قريبا منه ومن يكون بعيدا عنه!!..


 لا أقول إلا  : رحم الله تلك الوجوه.. فلقد اشتقنا لرؤيتها و ابتسامتها و بساطتها.. 

السبت، 15 أغسطس 2020

تعزية ام تهنئة..

 انها الرابعة عصرا.. تصل رسالة برحيل الوالدة "شيخة".. ومن ثم تتكرر نفس الرسالة في أغلب مجموعات الواتس اب...

يُعلق ابن عمي " فقيدة الوالدة شيخة .. لها فضل كبير وخدمة جليلة في خدمة المرضى .. الله يرحمنا وإياهم"


لقد دخلت المستشفى مع أخيها في نفس اليوم ..


بعد مرور ٢٠ دقيقة من خبر رحيلها.. يأتي خبر آخر برحيل أخيها.. أخيها هو زوج خالتي!.. وانا غير مصدق للخبر..

وكل مجموعات الواتس اب تعيد نشر خبر الوفاة للأخ و اخته!!..


اتصلت بإبن خالتي لأتأكد من الموضوع.. لقد كان يبكي.. يقول انه أمام بوابة المستشفى الان .. اتصلوا به ليخبروه عن رحيل عمته.. وبعدها وصلت رسالة تقول ان ابيه قد رحل..

ومن ثم قال سأتصل بك بعدما أتأكد بنفسي.. ولقد كان يبكي كثيراً ..


انقضت الدقيقة والدقيقتين.. و رسائل التعزية تتواصل.. انقضت خمس دقائق ولم استلم اتصاله..

اتصلت به و قال لي ان والده لا يزال على قيد الحياة..


فتلعثمت بين معزٍ لرحيل عمته او فرحاً على بقاء والده على قيد الحياة..

فقال :لقد حدث خطأ في تناقل الاسامي بين الأخ و اخته..


بعدها تحدثت إلى أمي لاطمئن على حالها بعدما وصلها خبر رحيل زوج اختها..

فالحمدلله على كل حال.. 

............


جميعاً

رجاءاً.. لا تُسابق بنشر اخبار الوفيات ما لم يصلك الخبر من مصدر موثوق و قريب من اهل الراحل..

الخميس، 25 يونيو 2020

سلاح المعرفة..

"حدثني عن نفسك؟"
بهذا السؤال ابتدأت اول مقابلة لي لشغل وظيفة ما..
كانت الإجابة بسيطة و قصيرة في محاولة مني لتقليد ذاك الإنسان الذي جلس أمامي وتحدث عن نفسه قبل ان يوجه سؤاله لي..
لقد اختزل مسيرته العلمية والعملية في ثلاث دقائق في محاولة منه لإفساح المجال لي، لاتحدث عن نفسي.. فكانت أولى العثرات.. لم أستطع إكمال دقيقة واحدة.. بالرغم من كثرة الــ أءات حين اتحدث.. 
لا زلت اذكر حركة اصابعهِ بالقلم في إشارة منه لاستمر بالحديث.. ولكن هيهات...


هي مرحلة لا زلت اذكرها جيداً.. لم يكن مرورها عابر.. فلقد مرت دون أن تنسى ترك بصمة على جدار الذكريات.. لا اظنني سأنساها او أنها ستختفي يوماً ما.. لقد حُفرت بالذاكرة.. 

أيها العابرون من المرحلة الثانوية بإتجاه المرحلة الجامعية.. لا تنسوا من التسلح بسلاح المعرفة..
ف بنهاية المرحلة الجامعية، سيتم منحك الشهادة.. لكن المعرفة لن تكون مع الشهادة..
الشهادة هي دليل على اجتهادك بالمرحلة الجامعية.. لكن مقابلة الوظيفة ربما قد تحتوي على ٣٠٪ فقط من أمور علمية مكتسبة بالجامعة.. أما الباقي فيعتمد على سلاح المعرفة..
وسلاح المعرفة لا يأتي الا بالقراءة ثم القراءة ثم القراءة... 
لا تقضي جُلّ وقتك امام كتب الدراسة.. امنح نفسك جزءاً من الوقت تقضيه في المكتبة... 


الخميس، 14 مايو 2020

السجن.. الداخل فيه مولود والخارج منه مفقود..


حاملاً لافتةً صغيرة.. 
كتب عليها اسمي بلغة أجنبيه.. 
كان ينتظرني ذلك الشاب العشريني ، حين توجهت اليه مبتسماً و اجرُّ خلفي حقيبتي ، ومعرفاً له بأنني هو من تبحث عنه أمام هذه الحشود التي رفضتها الطائرة كما ترفض المعدة بعض الطعام.. 

على يمينه جلست بعد إمتناعي عن الركوب في المقاعد الخلفية إكراما له، وموضحاً بأننا أخوة وليس مجرد سائقٍ في مهمةٍ لإيصال مسؤوله إلى مكان العمل.. 

تمضي بنا السيارة ذات الدفع الرباعي إلى عالمٍ مجهول .. عالم أجهله و يجهله كل من كان محيطاً بي.. 
خُيّل إليّ ان المركبة تمضي فوق لسان متجهة داخل كهفٍ.. هذه المرة داخل كهف ذهبي لا مظلمٍ .. 

نخترق الكثبان الرملية على طرقات وعرة وعلى مركبة لا تبخل عليك من اهتزازاتٍ، تشعر بها في رأسك.. ولا تُسمعك الا طقطقات الحصى المتطاير أسفل جسمها.. فكان لزاما عليّ ان اتحدث بصوتٍ مرتفع أو أجعل اذني قريبةً منه حتى أتمكن من إلتقاط ما يقول.. 

والمركبة تواصل المسير غير مكترثة بما يدور تحتها.. لكنها طيبة بين فترة وآخرى حين تكرمك بنفخة من التراب لا تعرف مصدره.. وتجيبها بـ كحكحاتٍ مستمرة محاولا عبثاً رفض الغبار الذي دخل رئتك.. ولكن هيهاتَ.. 

والمركبة تواصل المسير إلى حيث ينقطع إرسال هاتفك ، ولكنها تمنُّ عليك بأصوات مختلفة من مذياعها العتيق... اعلانٌ صريحٌ بأنك ستدخل إلى عالمٍ غير  عالمك الطبيعي.. انك خارج التغطية.. 

لا شيء يدعو إلى التفاؤل هنا .. فلا مكان لكائنٍ حيّ يمكن أن يحيا .. ولا أمل لشيء أخضر ينمو على هذا البساط الأصفر.. 
حتى الرمال الخفيفة لا تتوقف عن الرحيل.. بل لا تتوقف عن الهروب من هذا الجحيم.. ونحن نتجه اليه.. 

الساعة تقترب من التاسعة صباحاً.. بالتأكيد ستكون الأجواء باردة قليلا.. هكذا حدثتُ نفسي و فتحت النافذة المجاورة.. 
"استغفر الله" هكذا قلت سريعا بعدما عاودت إغلاقها بسرعة .. 
فقال صاحبي : هذا هو الغربي.. وارتسمت على وجهه ابتسامة خبيثة.. وكأنه يقول في نفسه : اهلا بك في وسط الجحيم.. 

لم يكن لهيب نارٍ وإنما نسمة هواء حارة كمقدمات لما ينتظرني في الظهيرة.. لم تحمل النسمة معها غير رائحة الموت و اصفرار يؤذي العين و زرقة شديدة لـسماء صافية، لا تمنحك أمل بسيط في أن تتشكل غيمة هنا أو هناك.. أو تمنحك تفاؤلاً بأن شيئاً ما يمكن أن يحجب عنك الجحيم الذي تبعثه الشمس...

والمركبة تواصل المسير.. تتبع لافتاتٍ صغيرة.. تقود إلى مخيمٍ للعمال المساكين.. تقود إلى حيث الكادحون المجهولون.. وحولهم الرمال في سفرٍ دائم.. 

"الا نقف هنا؟" هكذا سألته.. 
فـ اجابني بخبث : لا زال المشوار طويلا.. ومضى بي إلى حيث لا أعلم.. كل الذي اعرفه أنني اشتقت لكل ألوان الطيف ما عدا الأصفر والأزرق.. 

من بعيد.. رأيت لافتات كتب عليها.. نقطة تفتيش.. 
سألته :هل توجد نقاط تفتيش وسط الصحراء؟.. 
فـ اجابني :ليس دائما وليس في كل مكان هنا.. 

اشهرت جواز سفري و بطاقتي المدنية واعطيتها إلى ذاك الجندي الحامل لسلاحٍ لم ارَ مثله من قبل.. 
"انت من تلك البلاد" هكذا تحدث الجندي مبتسماً.. وكأنه قد وجد ظالته.. مما يعني أن مناوبته قد شارفت على الانتهاء بحضوري  .. 
أشار إلى السائق بأن يركن مركبته بمحاذات الطريق ريثما ينتهي من بعض الاتصالات.. 

خمسة دقائق من الانتظار كانت كافية لأن اطلب من السائق ان يزيد من تبريد المركبة.. خمس دقائق مضت وانا اضرب اخماساً بأسداس..
وبعدها رأيت الأفراد يجمعون أغراضهم و يحملون لافتاتهم معلنين انتهاء التفتيش.. طالبين من السائق ان يتبعهم.. و آلاف من علامات الاستفهام قد ارتفعت فوق رأسي...

بعد نصف ساعة من التغلغل وسط الرمال وبمحاذاة تلال الكثبان التي تحجب أشعة الشمس بين فترة وآخرى.. دخلنا إلى معسكر للشرطة أو الجيش.. لا أعلم.. لكنه معسكر للحكومة ...

وأمام احد الأفراد وقفت.. وبيننا طاولة.. ومن دون مقدمات سألني : هل عمّك فلان ؟.. فقلت : نعم..
فقال لماذا دائم الترداد لــ :
ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأوْلئك هم الكافرون
ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأوْلئك هم الظالمون
ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأوْلئك هم الفاسقون
فأجبته بأن عمي يحفظ الكثير من الآيات والسور.. ولا اعلم عن نياته..
فأجابني : سنخبرك لاحقا بماذا يقصد.. والان أخبرك بأنك رهن الاعتقال..
مرحبا بك في سجن الكثبان الحمراء

وعلى طاولته.. كانت هناك خارطة.. فـأشار إلى مسمارٍ وسط الخريطة.. فقال نحن هنا.. وانا لا أرى مخططاً للسجن.. إنما كثبان رملية..
يتحدث وانا لا أعلم ماذا يقول.. فلا زلت غير مصدق لما يحدث لي..إنني في ذهول.. 

كل الذي أخذته من هذا الفرد ان اي محاولة للفرار ستكون فاشلة.. مصير الهارب هو العودة إلى السجن من جديد..
ف الداخل فيه مولود، والخارج منه مفقود.. 

الجمعة، 17 أبريل 2020

الطواف ليلا بين طرقات العقر..

دقت ساعة المجلس.. إحدى عشر دقة.. 

وابي لم يعد بعد من سهرته الاعتيادية..

لتطرق في عقلي فكرة الطواف ليلاً بين طرقات العقر المظلمة...


"ماه.. اخرج اشوف ابوي من الطريق"..

هكذا ناديت بأعلى صوتي عند مدخل بيتنا..
ومشيت وانا غير مبالي بجواب امي..


التجول بين بيوت العقر الطينية قبل انتصاف الليل بقليل، يُعتبر في عرفنا نوعاً من البطولة..
جنون بل انتحار في عُرف امي.. 

غير أنني لم أبالِ..


مشيت وحيدا لا انظر خلفي..

ظلي كان يتبعني فقط.. وانا اتبع القمر المكتمل هذا المساء..

لا قناديل معلقة خارج البيوت.. 
ولا مصابيح حديثة تُذكرني بأن "التطور" قد غزا اهل هذه الدار..


البيوت متلاصقة فيما بينها.. حتى فُرجة صغيرة لا ترى..

احاول ان اسلي عن نفسي كلما حاصرتني الظلمة.. 

اردد في نفسي "عندما تذهب السكرة وتأتي الفكرة" فأخلق سجعاً منها :

عندما تذهب الظلمة ، وتأتي "السكه"..

السكة التي تقول لي أن تفرعاً للمسار قادم.. انه التفرع الذي يقود إلى أفرع صغيرة بين البيوت..


من بين الظلمة .. رجل عشريني الملامح يركض نحوي..

بالكاد عرفته حين اصبحت المسافة بيننا أمتار بسيطة..

انه خالي.. اخو امي الذي رحل قبل خمسة عشر عاما..

رحل قبل ميلادي بيوم.. فكان نصيبي ان حملت اسمه.. 
و لم أشاهده الا في صورة - غير ملونة - تحتفظ بها امي.. وتذرف الدمع كلما رأتها..


قال لي : ما الذي تفعله هنا؟..

فقلت له ابحث عن أبي..

فأجابني : قد مرّ بجانبك قبل قليل..


شاهدت خلفي، ف رأيت ظهر ابي عائداً إلى بيتنا..

عدت لأرى خالي، ف رأيت قطاً يركض بعيداً عني..

فعدت  إلى  ابي خائفا ومرددا  السور الخمس الأخيرة من جزء عم.. 
ومحاولا اللحاق به..


وصلت البيت واستقبلتني خيزران ابي ورسالة مفادها :

"إياك أن تكررها"..


الأربعاء، 15 أبريل 2020

في حضرة ابي..


التاسعة الا ربع
لا تزال تهطل بغزارة.. وصوت الماء المندفع من ميزاب البيت قد تغيرت نغمته..
لا يختلف الصوت كثيراً عن صوت فيضان خزان سطحنا معلناً امتلاءه.. 
أصدر ابي قراره بأن نصلي في جماعة بـ مجلسنا..


أشارت الساعة إلى التاسعة 
ابي و انا وبقية الإخوان في المجلس.. 
اُقيمت الصلاة و كنا كالجنود خلف ابي..


يسترسل ابي بالتلاوة ظاناً نفسه "محمد أيوب".. 
وانا ادعو الله في سرّي بأن لا يطيل خشية ان يحتاج إلى تصحيح..
فـلا احفظ الا آخر خمس سور من جزء عمّ..


يستجيب ربي لدعوتي.. 
فالمروحة العتيقة  المعلقة على سقف مجلسنا..
والتي كانت تدور ببطئ.. 
بعد أن تركها اخي تدور في أقل المستويات، لا لأن الأجواء كانت حارة.. 
إنما لأجل تحريك الهواء الراكد بين الجدران الأربعة.. ولأجل طرد البعوض..

بدأت تصدر صياحا غريبا.. أصواتاً مزعجة لأبي، مُفرحة لي.. 
احد اخوتي، بدا يصدر صوتاً هو الآخر.. كان  يقاوم نفسه عن الضحك.. 
الضحكة كانت أقوى من أن يمسكها.. حاول أن يداري ضحكته بقحقحةٍ "مفتعلة".. 
لكن هيهات، فلم تجدِ نفعا..


ليعلن ابي حينها توقفه عن الصلاة.. 
وفي طرفة عين يتحول إلى "جون سينا" بعد أن كان "محمد أيوب".. 
وانا لم استوعب المشهد.. انما شاهدت اخي ممدداً بجوار قدمي..


وتأتي الأوامر الصارمة بإطفاء المروحة و إقامة الصلاة مجددا..
فخشعت الأصوات لأبي.. فلا يُسمع لنا الا همسا 


الجمعة، 28 فبراير 2020

مشاهد محرمة في رواية حيتان شريفة..



لن اتحدث عن الأسباب المحتملة لمنع اي رواية في وطننا العربي.. فيكفي اي كاتب ان يخوض في غمار الثالوث المحرم - الجنس، الدين، السياسة - كلها أو احداها.. ليجد ان كتابه قد منع من النشر..

في المقابل أيضا، علينا أن لا ننسى المثل القائل "كل ممنوع مرغوب" وان منع رواية ما من النشر ، ماهو الا ترويج مجاني للرواية بصورة مباشرة .. 
ولا احد ينكر حجم الفائدة التي جنتها رواية حيتان شريفة حين مُنعت من النشر المحلي في العام الماضي ، وكيف نفدت النسخ لاحقا في المعارض المجاورة لبلدنا..

ومنذ البداية.. ابدع الكاتب #محمد_الرحبي في اختيار عنوان روايته.. حيتان شريفة.. فلا يمكنك الجزم من خلال العنوان فقط ماهو  مضمون الرواية.. متسائلا هل هناك حيتان شريفة و آخرى  غير شريفة؟.. أو أن هناك امرأة اسمها شريفة ولديها حيتان و أسماك ؟.. أو إلى ماذا يرمي الكاتب؟.. ولأجل ذلك عليك بقراءة الرواية لتعرف المعنى..
وانا اقرأ الرواية.. لاحظت وجود الكثير من المشاهد الجنسية في رواية حيتان شريفة.. وكيف استطاع الكاتب بذكائه ما اخفق فيه غيره من كُتاب الروايات كما شاهدنا منذ مدة ليس بالبعيدة ما حدث مع  البدريتين ( رواية الملح و رواية كارما الذئب)  وكيف انهن اخفقن في توصيف المشاهد، فحدث ماحدث من ضجة..

وهنا بعضٌ مما قاله الرحبي في روايته :
ينطلق في أسقف جسدها، يرفع اعمدته، يحرر المرمر من احجبة تمنع رؤيته بهياً وملتهبا ، بأنفاس حارقة كأنها أمنية في يوم محمل بالصقيع..


ابعدت هاتفه الذي ما زالت شاشته تلمع بأرقام و اسماء، مدت اليه حقولها.. وقالت : احرث حقلك يا رجلي الأوحد، صار الحقل حلالا لك، فاستطعمه بذات اللذة التي كانت قبل ذلك.. 
.........


لا أدري ان كنت قد وفقت لوصف الكاتب انه ذكي في سرد المشاهد الجنسية، هل لأنني من مجتمع "ذكوري" وينكر ما تأتي به المرأة أكثر مما ينكره على الرجل!.. 
أو لان الرواية قد غلب عليها الطابع السياسي - طابع الفساد - ولذلك لم يلتفت لتلك المشاهد أحدا..


عموما 
بعض الروايات جميلة جدا، ولكنني لا أجد سببا مقنعا يؤدي إلى إضافة مشاهد جنسية لتلك الرواية..

كان بالإمكان أفضل مما كان..

السبت، 18 يناير 2020

رواية يرى من خلال الوجوه..


كتب #إيريك_إيمانويل #رواية #يرى_من_خلال_الوجوه في قالب فلسفي عميق متسائلاً عن أسباب الشرور في هذا العالم.. 
هل أسبابها تعود الى الإنسان نفسه او إلى "الرب"..
تبدأ الرواية بعمل إرهابي ( عملية انتحارية) في بلجيكا.. مرورا بمقابلة "الرب" لمعرفة أسباب الشر.. 
وانتهاءً بعملية انتحارية تختلف أهدافها بين مرتكبيها الاثنين..
يختتم إيريك روايته بتساؤل مهم ، الا وهو : من يكتب حينما نكتب؟..

.......... 
سؤاله هذا ذكرني بنقاش دار بيني وبين احد أصدقائي ذات مرة.. انتهى النقاش بأن قلت لصديقي انك لا تتحدث بأفكارك، إنما تتحدث بأفكار والدك..
في تلك الفترة، كان والده له "وزنه" في الحكومة، فلقد كان يشغل منصب وزاري مهم بالدولة ..
فرد عليّ صديقي بأن عليّ ان احترم أفكاره و ان لا اخلط تصرفاته و أقواله ب والده.. فهو لا يريد لوالده اي سوء..

انتهى نقاشي معه، مع اقتناعي بأن صديقي كان متأثراً بأفكار والده وان لم أخبره بصريح العبارة..

عموما
الرواية جميلة.. عدد صفحاتها تقريبا ٤٣٠ صفحة في حجم
 A5..

تستحق الرواية القراءة مع الحرص على عدم الوقوع فيما تحمله من أفكار إلحادية أو "شوشرة" لمعتقدات المسلمين..


الأربعاء، 1 يناير 2020

حانت ساعة الرحيل إلى شركة آخرى..



شغف الاكتشاف و حب المغامرة.. 
لأجل ارتشاف جديد المعرفة.. 
وزيادة رصيد من خبرات العمل ..
كل هذا و أكثر ، قد اشعلوا محركات  التحدي و الانطلاق  إلى  مكانِ آخر..


أيها الرفاق.. 
قد شُدّت الأحزمة.. و توالت الصافرات مُعلنة ساعة الرحيل إلى ديار 
Shell ..


بالامس القريب ، قرأت مع 
BP
رسالة الترحيب.. 
وبعد شهر من الآن ، كان من المفترض أن احتفل معهم بمرور خمس سنوات .. 
إلا أن القدر  قال كلمته لإعلان موعد استبدال خوذات الرأس.. و تغيير لون اللبس..


أيها الرفاق 
و ان باعدت بيننا كثبان الرمال أو اطالت  إلتواء  المسارات الزمن .. 
يبقى مكانكم بالقلب نفسه، ومساراته مستقيمة لا تتغير.. 
وتبقى ذاكرتنا محتفظة بأجمل اللحظات و اقساها..


لكم مني أن احتفظ بمكانتكم في قلبي..
و لي منكم دعوة في ظهر الغيب بأن يوفقني ربي لما فيه خير لي بالدارين..