الأربعاء، 16 أغسطس 2017

حلمٌ صار حقيقةً ! ...

حول سفرة الافطار كنا مجتمعين .. انا وبدر وعامر وراشد وهلال .. كنا نأكل وجبة الافطار البسيطة قبل ذهابنا الى الجامعة ..
اليوم كان يوم الأربعاء .. اخر يوم بنهاية الاسبوع في تلك الايام .. سوالف وحكي ومزاح ونشاط كعادة أيامنا الجامعية .. 
وبالقرب من دوار "برج الصحوة" كنا نسكن .. وهناك كان يقع خط الطيران .. فالطائرات المغادرة والقادمة كانت معلومة لدينا للإزعاج الذي تحدثه هذه الطائرات .. لكننا تعودنا لدرجة اننا صرنا نشعر بموعد اقتراب طائرة ما للنزول مثلا .. 

في ذلك اليوم صباحاً .. أخبرت عامر بأنني قد رايت بالمنام ثلاث طائرات حربية - كنا نطلق عليها "صواريخ" وليس طائرة حربية - .. تمر من اعلى السكن .. متجهة جهة الداخلية .. تحديدا جهة نزوى .. 
سقطت طائرتان .. وبقية واحدة .. وفجأة ظهرت انت يا عامر من نافذة غرفتي مبتسماً ...
هكذا أخبرت عامر عن الحلم .. كنا نضحك من الحلم والتفاسير المتوقعة .. ولم يكن على البال اي شيء ..

مر ذاك النهار مرور الكرام .. في الساعة الثانية ظهراً ، انتهت محاضرتي الاخيرة .. ولقد آنت ساعة الرجوع الى نزوى ..
وصلت الى نزوى في حدود الرابعة عصرا .. وبعد ساعتين من وصولي .. جاء خبر سيّء .. عامر صار له حادث .. وهناك وفيات بالحادث ..
حاولت مراراً الاتصال به .. لكن هاتفه يتعذر ..
مرت ساعة من وصول الخبر .. اخر الأخبار المؤكدة تقول ان سيارة سوبارو .. لونها رصاصي .. وبها ثلاثة من شباب نزوى .. وقع لها حادث في أزكي .. تصادم وجها بوجه مع شاحنة .. المحصلة كانت رحيل اثنان بعمر ال٢٠ و نجاة الثالث ( عامر ) ..

صباح اليوم التالي .. كنت معه  .. يضحك معي ويتحدث ان هذا هو تفسير حلمي .. حلم الطائرات الحربية الثلاثة ..
بطبيعة الحال كان يتحدث ولم تكن اخبار أصحابه الراحلون قد وصلت اليه ..
كان هو في أتم الصحة والعافية .. جرح طفيف في ساق القدم و ضربة بسيطة بالرأس ، جعلته يفقد وعيه حتى لا يرى حالة أصحابه بسبب الحادث الشنيع ...

فالحمد لله على كل حال .. ورحم الله من رحل عنا ...

الثلاثاء، 8 أغسطس 2017

صورة بلا ارواح ...

أمسك بصورةٍ قديمةٍ جمعته بها .. فـبالرغم من انتفاخ وجنتيها قليلا وتلونهما بلونٍ يميل الى الاحمر الفاتح .. وبثغرها الصغير الباسم .. وعينان كعينيّ صغير الغزال .. الا ان ابتسمته الشاحبة و وجهه الملئ بالتجاعيد .. كأنها تموجات على شاطئ .. جعلت من الصورة بائسة قاتمة لا تحمل اي حياة .. انها كصورةٍ ملتقطة قرب مقبرةٍ ! ...

وضع الصورة على طاولته الصغيرة .. ادار وجهها نحو الجدار .. فالضوء الذي انعكس من مصباح الطاولة .. أعطى للصورة بعداً اخر .. حوله الضوء بالصورة كـشيطان يقف بجانب مَلكٍ ..

 انعكس الضوء على عيناه .. احس لوهلةٍ انه سكران .. فـأمسك بعلبة الدخان واخرج سيجارة و أشعلها .. بدأ يرتشف رشفاتٍ عميقة .. حاول ان يحتفظ بدخان سيجارته أطول مدةٍ في فمه .. لكن الربو باغته بعدة كحاتٍ جعلت من الظل المتكون على الجدار لرأسه والدخان المتصاعد من فمه يبدوان كـباخرة تعمل بالفحم وتخترق المحيط في يومٍ كان القمر بدراً .. احس بضيقةٍ تقبض انفاسه وكأن شيئا ثقيلا وضع على صدره .. 

أطفأ سيجارته .. واستلقى على الارض .. لا يفكر الا بالخطأ الذي ارتكبه حين قرر الارتباط بها .. كانا كلاهما يعلمان سلفاً انهما يعبثان بالحياة حين قررا الارتباط .. ها هما يحصدان ثمار العبث .. حتى رغبته بالنوم ، لم تكن الا هرباً من الحياة .. 


ثمانية اشهر انقضت على افتراقهما .. ومصادفةً شهر ثمانية عيد ميلاده .. وشهر ثمانية كان يوم ان التقط الصورة معها  ...