السبت، 23 ديسمبر 2017

ساعات ، شنط .. ماركات عالمية ، تفضل شرفنا ...


انها الخامسة مساءا .. في اشهر شوارع العاصمة التايلندية بانكوك لدى العرب .. المعروف باسم شارع "نانا" ...
بالرغم من معرفة جميع العرب ان الشوارع التي يكثر فيها التجار العرب في شرق اسياء من مطاعم وفنادقٍ ومستشفيات خاصة ، تكون باهظة الثمن اذا ما قورنت بقريناتها من الشوارع لجاليات غير عربية .. ورغم ذلك قررت الذهاب الى حلاق عربي ...
تعودت كثيراً ان أبقى صامتاً حين اجلس على اي من كراسي الحلاقة .. استمتع بلذة الابحار في عالم "السرحان" و في عالم "التفكير" بعيدا عن ارض الواقع ...
هذه المرة قررت ان افتح حواراً مع الحلاق العربي .. افتحه لأغلق باب الفضول الذي زارني .. فكيف لعربي ان يعمل حلاقاً في ارضٍ غير عربية ودخل المواطن سنوياً فيها منخفض!! ..
لم أكن بحاجةٍ لأسأله من اي البلاد انت .. فمن لهجته عرفته من اين ... كان السؤال مباشر، دون لفٍ او دوران "كيف الحياة هنا ؟ " ... لكن ليتني لم اسأله ! ... فلقد شعرت وكأنني فتحت جرحاً جديداً مع جروحه القديمة او وضعت إصبعي على سيد الجروح او لامست احد الاعصاب المؤدية الى دمع العين !!؟ ..
"الحياة هنا عبارة عن عبدٍ ذليل يعمل من الصباح الى المساء خلف كرسي الحلاقة ... سبعة ايامٍ بالأسبوع ... سنة كاملة بلا اجازة .. اجازة لاقل من اسبوع لاجل السفر خارج تايلند من اجل تجديد تأشيرة الإقامة .. وبعدها العودة لتايلند والجلوس سنة اخرى ومن ثم الذهاب الى الوطن لمدة شهر على نفقتي الخاصة !! " ...
هكذا قال لي و وجهه مليئ بالتعابير التي لا تحتاج الى كتاب لتفسر معنى تلك التعابير !!! ..
ثم أضاف متسائلا : "هل رأيت امام مبنى الحلاقة أولائك الشباب الذين ينادون على كل مارٍ بــ "شنط ، ساعات ، اقلام ماركات عالمية ، تفضل وشرفنا " ؟
فحرّكت راسي كناية على انني شاهدت هؤلاء الشباب ، ولم أخبره باني أتضايق من طريقتهم لجلب الزبائن وإصرارهم على ان تدخل المحل لترى البضاعة ، وذلك حتى لا اقطع عليه سلسلة أفكاره ...
فقال : "هؤلاء الشباب وظيفتهم فقط البقاء امام قارعة الطريق .. ينادون على كل مستخدم للطريق بـ "ساعات ، شنط ماركات عالمية ، تفضل شرفنا " .. وكلما دخل زبون للمحل واشترى ، فان لهم نسبة معينة من هذه البيعة .. وان لم يشتري احد ، فلا مرتب لديهم او يتقاضى مرتب زهيد جداً !!!؟ النسبة قد لا تتجاوز ١٪؜ من قيمة الشراء !! ..
قررت البقاء صامتاً وهو يتحدث عن الحال .. وفي كل مرة يقول "الحمد لله على كل شيء " ... لا اظنه لم يلعن الحالة و لم يشتم الظروف ... وددت ان ينتهي من الحلاقة بسرعة حتى لا ارى دمعة تتمرد على شجاعته فتسقط امامي ...

مساكين هؤلاء القوم .. لم يتركوا ديارهم لهوا ولعباً .. بل أجبرتهم ظروف الحياة على الرحيل عن الوطن !!! بين حرب طاحنة و امنٍ مفقود و حياةٍ ذليلة و عبدٍ رخيص !!؟ ..
يقول الراحل احمد الربعي في مقابلة له : ليس بالضرورة ان تحصل على قادمٍ افضل حين تطالب بتغيير ما هو قائم الا ان كانت لديك رؤيا واضحة !!؟ ...

الخميس، 23 نوفمبر 2017

متناقضات في المستشفيات...



حاولت أن امنحهم الكثير من الأعذار.. بل تجاوزت ذلك بأن حاولت خلق الأعذار لهم بعد أن فشلت كل المحاولات !..
في كل مرة اخلق فيها العذر، أرى أمامي الآية "وبالوالدين إحسانا"..
كيف يصل الإنسان إلى مرحلة يترك فيها أمه أو ابيه في المستشفى دون أن يكون بجانبه!..
لازلت غير قادر على استيعاب ذلك..
هل أعط الابن عذراً واقول ان البنت هي الأجدر بالمكوث بجانب امها؟!..
أو اقول ان الابن هو الأمثل بالجلوس بجانب ابيه في المستشفى؟...
هل بالفعل هناك أعذار يمكن ان نقبلها حين نجد الأم ولا نجد بجوارها البنت مثلا وهي بالمستشفى؟!..
ألم يمنحنا النظام بما يسمى ب "الاجازة الاضطرارية"؟..
وقبل وجود النظام الوضعي، أليس هناك أمر رباني!؟..
"وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا"

في المستشفيات.، تجد الكثير من المتناقضات..
أبناء يتناوبون على الجلوس بجانب ابيهم النائم في غيبوبة طويلة لا يعرفون نهايتها.. وآخرون بعيدون عن امهم التي أدخلت المستشفى لبضعة ايام فقط!!.. أسأل نفسي   ماذا لو كتب لهذه الأم أن تجلس لفترة طويلة!!؟..
هل يا ترى سنجد الأم لوحدها أو نجد بجانبها عاملة إحدى بناتها بحجة عدم التفرغ للأم!؟...

كل الذي أعرفه انه "كما تدين تدان"..
وما تزرعه الان، تحصده غدآ..
وانت أيها المحروم من فضل البر بالوالدين، لا أقول لك الا ان تراجع ترتيب الأولويات لديك، فإن لم يكن الوالدين في مقدمة أولوياتك، فتمنى الموت من دون علل أو أمراض مزمنة تسبقه...

ونسأله تعالى حسن الخاتمة وان يعيننا على البر بوالدينا... 

الاثنين، 2 أكتوبر 2017

١٧ عام على اغتيال محمد الدرة ! ..

سبعة عشر عاماً قد مرت يا من اغتال " محمد الدرة" ..
كان حينها لا يُعرف للعرب الا قضية واحدة .. فلسطين ..
اغتيل الطفل امام عدسات الاعلام وهو في حضن أبيه .. 
وما حدث للعرب بعدها ، ان حلت عليهم اللعنات والانتكاسات !! ..
كل انواع الشرور قد زارت ولا تزال تزور العرب من بعد الدرة ..
صدام .. العابدين .. القذافي .. ومبارك .. اختفوا ..
العراق .. ليبيا .. سوريا .. واليمنُ .. صرن حطاماً ..
سودانٌ قُسِّم .. يمنٌ وعراقٌ وغيرهن ينتظرن ..
لم تعد قضيتنا فلسطين الان ..
 فالمحتل صار صديق البعض .. والمغتصب صار على حق .. 
والأحمق يُنادي من بعيد "التعايش مع بني صهيون" هو الحل الاكيد .. 
تباً لهم .. فليرحلوا عن فلسطين ...

وتباً لحياة صارت فيها مشاهد الموت أمراً مالوفاً .. 



الأحد، 17 سبتمبر 2017

عمانيون بلا وظائف ...

يخبرني والحزن قد غلب عليه .. 
مهموما وبصوتٍ متقطع يشكو إليّ ..
عدت للبيت بعد إلتحاقي في وظيفة جديدة .. 
أبتي وامي وإخوتي  الصغار ، ينتظرون عند مدخل المدينة ..
شفاهٌ باسمة مشرقة ،، اكتست الوجوه ،، مع فرحة عارمة ..
يسألني أبي والسَّعدُ يَغمرُه : كيف وظيفتك الجديدة ؟ ..
فـ أردت ان اجيب .. أردت ان اُعيب .. لكن الكل كان سعيد ..
فقلت : أعطوني سيارة .. فقطعوا حديثي بتكبيره ..
وإخوتي صفقوا وامي كانت مسرورة ..
ظناً منهم اني صرت مسؤولا .. وعلى الاكتاف محمولا ..
خفت ان اقتل احلامهم .. او أزيد من آلامهم ..
فبقيت صامتاً مبتسماً معهم ..
فـ رجوتك يا صاحبي .. بان لا تخبرهم بالحقيقة ..
فلا الشهادة  التي معي ساعدتني ..

ولا الذين أحملهم  .. هم من بني جلدتي ..

-----------
وهنا تسجيل صوتي لهذه الخاطرة ...

https://m.youtube.com/watch?v=JdhDfZTMBzg

الأربعاء، 16 أغسطس 2017

حلمٌ صار حقيقةً ! ...

حول سفرة الافطار كنا مجتمعين .. انا وبدر وعامر وراشد وهلال .. كنا نأكل وجبة الافطار البسيطة قبل ذهابنا الى الجامعة ..
اليوم كان يوم الأربعاء .. اخر يوم بنهاية الاسبوع في تلك الايام .. سوالف وحكي ومزاح ونشاط كعادة أيامنا الجامعية .. 
وبالقرب من دوار "برج الصحوة" كنا نسكن .. وهناك كان يقع خط الطيران .. فالطائرات المغادرة والقادمة كانت معلومة لدينا للإزعاج الذي تحدثه هذه الطائرات .. لكننا تعودنا لدرجة اننا صرنا نشعر بموعد اقتراب طائرة ما للنزول مثلا .. 

في ذلك اليوم صباحاً .. أخبرت عامر بأنني قد رايت بالمنام ثلاث طائرات حربية - كنا نطلق عليها "صواريخ" وليس طائرة حربية - .. تمر من اعلى السكن .. متجهة جهة الداخلية .. تحديدا جهة نزوى .. 
سقطت طائرتان .. وبقية واحدة .. وفجأة ظهرت انت يا عامر من نافذة غرفتي مبتسماً ...
هكذا أخبرت عامر عن الحلم .. كنا نضحك من الحلم والتفاسير المتوقعة .. ولم يكن على البال اي شيء ..

مر ذاك النهار مرور الكرام .. في الساعة الثانية ظهراً ، انتهت محاضرتي الاخيرة .. ولقد آنت ساعة الرجوع الى نزوى ..
وصلت الى نزوى في حدود الرابعة عصرا .. وبعد ساعتين من وصولي .. جاء خبر سيّء .. عامر صار له حادث .. وهناك وفيات بالحادث ..
حاولت مراراً الاتصال به .. لكن هاتفه يتعذر ..
مرت ساعة من وصول الخبر .. اخر الأخبار المؤكدة تقول ان سيارة سوبارو .. لونها رصاصي .. وبها ثلاثة من شباب نزوى .. وقع لها حادث في أزكي .. تصادم وجها بوجه مع شاحنة .. المحصلة كانت رحيل اثنان بعمر ال٢٠ و نجاة الثالث ( عامر ) ..

صباح اليوم التالي .. كنت معه  .. يضحك معي ويتحدث ان هذا هو تفسير حلمي .. حلم الطائرات الحربية الثلاثة ..
بطبيعة الحال كان يتحدث ولم تكن اخبار أصحابه الراحلون قد وصلت اليه ..
كان هو في أتم الصحة والعافية .. جرح طفيف في ساق القدم و ضربة بسيطة بالرأس ، جعلته يفقد وعيه حتى لا يرى حالة أصحابه بسبب الحادث الشنيع ...

فالحمد لله على كل حال .. ورحم الله من رحل عنا ...

الثلاثاء، 8 أغسطس 2017

صورة بلا ارواح ...

أمسك بصورةٍ قديمةٍ جمعته بها .. فـبالرغم من انتفاخ وجنتيها قليلا وتلونهما بلونٍ يميل الى الاحمر الفاتح .. وبثغرها الصغير الباسم .. وعينان كعينيّ صغير الغزال .. الا ان ابتسمته الشاحبة و وجهه الملئ بالتجاعيد .. كأنها تموجات على شاطئ .. جعلت من الصورة بائسة قاتمة لا تحمل اي حياة .. انها كصورةٍ ملتقطة قرب مقبرةٍ ! ...

وضع الصورة على طاولته الصغيرة .. ادار وجهها نحو الجدار .. فالضوء الذي انعكس من مصباح الطاولة .. أعطى للصورة بعداً اخر .. حوله الضوء بالصورة كـشيطان يقف بجانب مَلكٍ ..

 انعكس الضوء على عيناه .. احس لوهلةٍ انه سكران .. فـأمسك بعلبة الدخان واخرج سيجارة و أشعلها .. بدأ يرتشف رشفاتٍ عميقة .. حاول ان يحتفظ بدخان سيجارته أطول مدةٍ في فمه .. لكن الربو باغته بعدة كحاتٍ جعلت من الظل المتكون على الجدار لرأسه والدخان المتصاعد من فمه يبدوان كـباخرة تعمل بالفحم وتخترق المحيط في يومٍ كان القمر بدراً .. احس بضيقةٍ تقبض انفاسه وكأن شيئا ثقيلا وضع على صدره .. 

أطفأ سيجارته .. واستلقى على الارض .. لا يفكر الا بالخطأ الذي ارتكبه حين قرر الارتباط بها .. كانا كلاهما يعلمان سلفاً انهما يعبثان بالحياة حين قررا الارتباط .. ها هما يحصدان ثمار العبث .. حتى رغبته بالنوم ، لم تكن الا هرباً من الحياة .. 


ثمانية اشهر انقضت على افتراقهما .. ومصادفةً شهر ثمانية عيد ميلاده .. وشهر ثمانية كان يوم ان التقط الصورة معها  ...

الاثنين، 24 يوليو 2017

سبع سنين ليست الا سبعة ايام ...


"سبع سنين ليست الا سبعة ايام"
هكذا أنهى  #دوستويفسكي روايته #الجريمة_والعقاب - الجزء الثاني - على لسان #راسكولنيكوف ( او اسمه الاخر روديون رومانوفيتش ) بعد سلسلة من المشاهد والاحداث المأساوية المؤلمة .. حياة قاسية عاشها البطل راسكولنيكوف ... ذاك الشاب الذي آمن بنظريةٍ كتبها وأحب نابليون معها ...
ان الرواية بجزئيها - الاول والثاني وصفحاتها التي تجاوزت ال٨٠٠ صفحة - لم تكن الا مشاهدٍ مليئةٌ بالحزن والحسرة والالم عاشها البطل روديون .. كل المشاهد الماساوية وجدت في هذه الرواية واستطاع الكاتب دوستويفسكي ان يمنحها شيئا من التشويق جعلك تعيش أحداثها ... راسكولنيكوف  ما هو الا شخصية بسيطة محبٌ للفقراء .. شخص يتصدق بكل ما يملك من مالٍ وان كان في أمس الحاجة اليه .. يضع اللقمة في فم الجائع وان كان روديون بنفسه يموت جوعاً ...
أنقذ طفلان من الموت احتراقاً بعدما دخل البيت الذي حاصرتهم فيه النيران ..  
وبالرغم من ذلك ، ارتكب جريمة قتلٍ .. وحاول ان يتخلص من آلام ضميره ، ففشل ... تأخذنا الأحداث من بعدها الى محاولة راسكولنيكوف للإنتحار فلم تنجح محاولته ، ومن ثم ،، يمر بأحداث سيئة ومعقدة .. تجعله يذهب الى مركز الشرطة ويعترف بجريمته ...
يزج بعدها بالسجن بعد ان تم اعتبار جريمته فريدة من نوعها و غريبة والاغرب من ذلك هو اعتراف القاتل بفعلته بالرغم من ان شخصاً اخر قد اعترف بجريمة القتل هذه ...
تمنح القضية اعتبار خاص ، ويتم إصدار حكم بسجنه ٨ سنوات ..

لتنتهي الرواية بقول روديون "سبع سنين ليست الا سبعة ايام" بعدما وجد بريقاً من الحياة والامل في حبيبته "سونيا" بعدما انقضت سنة من سجنه في سيبيريا ..