الأحد، 10 يونيو 2018

كن صديقي...



"كن صديقي" ما كان الا عنوانا زائفاً لمحاضرةٍ قدمها زائري ذات يوم ..

كعادتي السيئة.  وحيداً كنت جالساً.. وشاغلاً وقتي بقصاصات من رواية بائسة..
اطرق بابي ذات نهارٍ حارٍ من ايام رمضان..
حيث احرَّته جملة مقتبسة من الرواية.. حين قالت إحدى شخصياتها "شيطان يأخذ النساء"...

وبعدها وجد بابي مفتوحاً دائما وان لم يكن من  الأساس وجود بابٍ من قبل..
لا أنكر أنني أعجبت ذات مرة ب مقال قد كتبه.. لكن لم يكن بيننا اي نقاش أو تواصل ..
دردشنا قليلا.. وقليلا.. إلى أن صار كثيراً..

أخبرني ذات مساء، بأنه يعرف اسمي.. فطلبت منه أن لا يلتفت كثيراً لما يراه على أرصفة الطريق..
طلبته  ب مواصلة سيره و الالتزام بخطة المسار - مثلما طلبته اول الأمر - دون أن يتوقف على  الرصيف..
تحدثنا كثيراً عن الرجل الشرقي، و بالأخص عن عيوبه.. 

من جملة نقاشاتنا الكثيرة .. اذكر انه وصفني ب "رجل جدا جدا"، هذا الوصف الغريب والمضحك في آنٍ واحد بالنسبة لي.. لكونه كان مفاجئاً ، لكنه كان واقعياً حين أعدت تحليلاتي معه... كان ذكياً في تحليلاته .. وان لم يخب حدسي ، فلقد استفاد كثيراً من تخصصه و وظيفته... 

أياماً بسيطة،، لا أظنها تتعدى أصابع اليد...
صرت  له كتاباً مفتوحاً.. تجول بين أوراقي كيفما شاء ومتى ما شاء..
وصلت معه إلى مرحلة  كنت أعلم إلى أين يريد أن يشاء ،، لكنني لم أكن اقاطعه.. كنت اترك له الحرية في اختيار الأوراق التي سنقرأها ..
قراء ما بين السطور و السطور و ما حُذف من سطور بخطٍ خفيف ...
تصفح هاتفي و قرأ بعضا من مذكراتي.. لكنني لم أكن أبالي... فأنا رجلٌ شرقي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. انا رجل جدا جدا مثلما وصفني... 
حاولت أن أصفه بأنه شرقي أيضاً .. لكنه من الأساس لم يكن ذا فكرٍ شرقي...  كنت أعلم مسبقاً عن ماذا يبحث... فكنت اجيب عن كل سؤال يلقيه في هاتفي.. و إن أخبرته سابقاً بأن لا يغوص في بحر التفاصيل... لكنه يبقى متميّزاً بحضوره  و "شرقي شمالي" .. 

ذات يومٍ مشؤوم .. أخبرني عن أمنيته .. يتمنى أن يكون "ذو حظٍ عظيم" معي،، لكنني إجابته بكل وضوح .. لم أكن ذات يوم ابريق علاء الدين .. ليمرر يده على رأسي و أحقق أمنياته...
ولم أكن أرغب بخوض بحر الورود مجدداً مثلما أخبرته ... ولا هو كان باحثاً عن الورود.. لأنه ليس بشرقي .. 

لذا كان علينا أن نضع نقطةً على نهاية رحلتنا القصيرة...
رحلة لو استمرت طويلا، لا أظنها ستنتهي دون ألم..
كنا كمسافرين التقيا في محطة لتغيير الحافلة.. محطة انتظار لكنها لم تكن بها لحظات للانتظار...
كان كل شيء يمضي سريعا دون أن يمنحنا الوقت للنظر للخلف.. منطلقان كأحصنة في سباق... 

حمداً لله ان اختار هو التوقف.. وحمدا لله أنني كنت في بلادي،، حيث سهرت تلك الليلة والتي بعدها  مع أصدقائي لحدود  الفجر لأملاء الفراغ الكبير الذي خلّفه ...

..... 

أكان لزاماً أن يحدث الرحيل مبكراً!!؟
لا أعلم.. هو يجيب ب "لعله خير"..
وانا على يقين أنه خير..
فقبل الرحيل ما كنت قادراً على كتابة جملة واحدة، حالي مع الكلمات  مثل :

كقطيع حملٍ صغير
حاول الراعي دفعهن للحضير
فترقص هذه
تفلت هذه
وتقفز الآخرى فوق السور..
ظنا انه يلاعبهن

هكذا كانت الكلمات قبل الرحيل.. صعبة التصفيد ...
ف الحمدلله حق حمده ... 
كن بخير 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق