الأربعاء، 18 يوليو 2018

لا تخلو بنفسك مع جهازٍ بل مع كتاب...


غارقٌ في التفكير فيما آل اليه حالي .. باحثٌ عن إصلاح ضرر احدثته امرأة جميلة .. فاتحدث مع اخرى اكثر جمالا منها .. يا للغرابة !!!
وصلت الى مرحلة انني على استعداد لأن اتحدث في اَي شيء ومع اَي شيء ..   اخلق حواراً .. أنشئ جدلاً .. اصطنع مشكلةً ..

هكذا قال لي صاحبي حين وجدته فجأة يمشي وحيداً .. يمشي شارد الذهن و يُحدث نفسه .. اذكر انني رأيته قادما إليّ - هكذا ظننت اول الامر - فكانت ابتسامتي حاضرة من بعيد .. لكن للأسف لم يكن يراني أو يرى أحداً وإنما يمشي شارد الفكر ، لا يشعر  بمن حوله ..
كان مزاجه سيّء .. متعكر .. يمكن ان تقرأ روايته دون ان يرويها لك ..

مررت بمثل هذه الحالات مسبقاً .. انه الفراغ الذي يخلفه شخصاً ما، حين يرحل عنه او عنها شخص آخر  .. الحال الذي يجعل الانسان يبحث عن اي شيء ليملئ به هذا الفراغ .. انه كالغريق الباحث عن قشة لينجو بها .. انه غريق وان اختلفت الأساليب  .. و رغم ذلك ، قررت ان امشي معه قليلا .. كان الوقت يقترب من انتصاف الليل .. امام حيّ الوزارات ..
تذكر قولي له ذات يوم، حين تحدثنا عن افعال الشيطان .. يقول : هل تذكر حين وصفت الشيطان بانه طيب ،  انه لا يتركك لوحدك ، و لإن رحل صاحبٌ ، يأتيك بصاحبٍ اخر ! ، كان كل همّ الشيطان ان يشغلك  ..
حينها ضحكنا كثيرا ، لأننا كنا نؤمن ان الشيطان لم يكن ولن يكون يوماً طيباً ..

قال لي : قالوا قديما لا يفل الحديد الا الحديد ! ..
فهل بالفعل اجد الحل معها .. ام هو استبدال شيء بشيء مع وجود المشكلة .. أهي محاولة مؤقتةٌ لتجاهل  امر ما وتبقى المشكلة ! .. بل ربما تتأزم الحالة !! ..

تركني بعد ان رماني بوابلٍ من الأسئلة ! .. لن اتحدث عن ما يفعله .. لكن تذكرت احدى الروايات المروية في أسباب  مقتل سيدنا عثمان بن عفان ! .. حيث ذكرت ان الفترة الاولى من خلافة سيدنا عثمان كانت مليئة بالفتوحات .. وان الجنود وغيرهم قد وجدوا ما يشغل وقتهم .. وفِي الفترة الثانية من خلافته ، توقفت الفتوحات !.. فأتى احدهم سيدنا عثمان ناصحا له بان يستمر في الفتوحات حتى يشغلهم بشيء وإلا شغلوه .. 

وعلى النفس السياق ، ذكر الشيخ سيف بن هاشل المسكري في كتابه أوطان آيلة للسقوط  ان القوة العراقية قد تمرست على القتال طوال ثماني سنوات ولم يعد لديها أية مهمة عقب الانتهاء من  الحرب ضد ايران ، الامر الذي يجعلها مصدر تهديد لدول مجلس التعاون الخليجي ..

على المرء ان يشغل نفسه دائماً بما هو مفيد له .. عليه ان يتجنب الوحدة الا اذا اختلى بكتابٍ .. فالخلوة مع الكتاب هي أفضل الحلول لملء وقت الفراغ .. وعلى المرء ان يتجنب قضاء الساعات الطوال وحيداً ممسكاً هاتفه ، متواصلا مع احدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي .. فربما يصل به الحال من الوحدة كما قال "باتشينو" : ان سبب وحدة شخصٍ ما انه رأى شخصاً واحداً على انه الجميع ..
كل هذا يحدث حين يقرر احدهم الانعزال عن مجتمعه ليس منفرداً بكتابٍ وإنما بجهازٍ !! ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق