الأربعاء، 29 يوليو 2009

نجمــع المـال ليــفترق العيــال ....

أشــجـار النخـيل تُحيــط بــ البيت الجميــل ....
وتدفــق المـاء في جــداولـه محـدثـا صــوتـا كــ التطبيــل ....
مـع نســمات هــواء عـليـل ....
حــاملــت معهـا ذكــريـات الخليـل ....

إســتوقفــني مشــهد من بـعيد ....
شــاب صـغير تظـهر عليــه مـلامح الرجـال ....
وضـع الزمـن بصــمته على شـخصـه ....
فــ أصــبح رجــلا قبــل آوانـه ....

دمـــعات تجري من عيـنيه ....
تتـساقط على مجرى المـاء ....
محـدثــة قــصيدة حـزيـنة ....
أطــربت شجـرة الصفـرجل التي كـان تحتـها ....
وتمـايلـت معهــا شُجيــرات الحقـل ....

وكأنه يردد بزفير وشـهيق ....
خلاص رحل الرفيق ....
رحل في تلك الطريق ....
ماعـدت أعرف الصديق ....

وفجـأة أحـس بــقدومي نـاحيـته ....
ولفطنتــه أخذ غرفـة من المـاء لــ يغسل بهـا وجهه ....
فــ إختــلطـت دموعـه مع حبيبــات المـاء ....
ولكـن هيهـات يافتى أن تُخفي طعمهــا ....

عـرف بــأنني قــد رأيت كـامل المشـهد ....
بــعد أن رأيت أثــر مجرى الدمـوع على الخدود ....
فقــال لي بــأنه كــان يُلقي قصــيدة حــزينـة ....
حـركـت مشــاعره ، فــتسـاقطـت أدمعــه ....

فـقلت له : هــل لي بســماع تلك القصــيدة ....
فــ أحنى رأســه في صــمت ٍ ....
وبــصوت حزين ولا يــكاد يبيــن ....
قــال : تلك قصــيدةٌ عنونتهــا بــ :
" لمـاذا رحلـت يا أبي " .....

يــاراحـلا عن الدنيـا ومـن فيهـا ....
سـارق البسـمة و تـارك الحزن بــ فيهـا ....

هـلاً رجـعـت إلينـا لتجمعنــا .....
وتحـارب التفرق الذي ألم بنـا ....

فمـا عدت أطيق الهجــران ....
ومـا عدت أرى الجيــران ....

فــأخي غـرد لـوحده بــ زاده ....
وأختي مع زوجهـا كـ العـاده ....

بـعدهـا أجهش بالبكـاء ولم يُكمـل القصـيد ....
فــ رق قلبي لـحاله ، ومسـحت على رأسـه ...
ومنـعته بـأن لا يُكمـل الحديث ....

نـعم لـقد رحـل أبي الجميـل ....
بـعد أن عشــنا في كنفـه عيشـة الملوك ...
رحـــل وســترحـل من خـلفه هذه الجنــان ....
ســيرحـل البيـت الذي كـان هو الأمـان ....

هنــا إســتوقفــته لــ لحظــة ....
لم أتــركـه يُكـمل الحديـث مرة آخرى ....
رحيـل أبوك قــدرٌ مكـتوب ٌ ....
لا تخـالطـه الظنون ولا الشكـوك ....
فــكيف ترحـل الجنـان والدار ....

فقــال : الميراث مُشتت الورثـة ....
فــذاك أسـامه أخي الكبير ...
بــعد أن تـزوج ، تـعلل بــ ضائقة تمر به ....
وقـام يُنادي بـأعلى صـوته ...
القسمـة ولا غير القسمـة ....

وأختي موزه ، بـعد أن تزوجـت سـعيد ....
لعـب بــعقلهـا وأخبرهـا بضـرورة الحصول على النصيـب ....
وغرهـا بـحلو الكـلام ....
بعد أن عمـى عينـهـا بالمــال ولا غير المال ....

وفي المقــابل يا صاحبي ....
بقـيت أنا مع إخوتي و أمي المُقــعدة ....
بقيــت أرقب الوضـع ولا أسـتطيع الحراك ....
وقبـلت أمي بـ قلبهـا الحنون بالوضـع ولم تُبدي الإعـتراض .....

إلى هنـا ، إستـوقفتــه بعد أن حول إبتسـامتي إلى حزن ....
أخذت بيـده فــ لعلي أفــعل شيء لم تفعــله أمه ...
أخـبرتـه بـ ضرورة الإعتراض ...
وأجـاب : هيـهات ....

إفـترقنـا ليقـودنـا القـدر بـأن نلتقي بـعد عدة أشــهر ....
بيت للإيجـار يقـطنه صـاحبي مع أمه وإخـوته ....
بيـت صـغير لعلـه يقيــهم حر الصـيف و قسـوة الشتـاء ....
أخبــرني بـ عدة جمـل مُخـتصرة حتى لا أسـترسـل مع في الكـلام ....

تم تقسيــم الميراث ....
بيع البيـت والحقــل ....
بيعت كـل ممتــلكـات الأب العزيز ....

وهــا نحن نســتأجر هذا المنـزل الصغيـر ....
لينتـهي بــنا المطـاف بـأن ندفــع كل الميراث للإيجـار ....
فــ بعد أن كنـا نمـلك منزل مُحـاط بالجنـان ....
سنُصبــح في القـريب بلا مآوى ولا أفنـان ....

ســأحاول أن أكمـل عمـلي مع صـاحب ذاك المحـل الصـغير ....
حتى أوفـر لأمي وإخوتي قــوت يومهـم ....
فـربما يـأتي يوما مـا وأشــتري المحـل ومن ثم يتحســن الحـال ...
دعــواتـك أيـها الطيـب بـأن يُعـجل المولى في رفـع كربتـه عنـا .....

فـإفترقـنا ليبقى الدعـاء هـو حبـل التواصـل فيمـا بيننـا ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق